عربي باللغة الإنجليزية
لقد فكرت في كتابة هذا المقال منذ فترة من الزمن… وكنت أنوي كتابة مقال طويل ومفصل باللغة الإنجليزية،،، ولكن عندما قررت البدء فيه،،، وجدت أنه من الأفضل كتباتها باللغة العربية،،، رغم تضاد موضوع النقاش ولكن ليصل الصوت إلى الفئة المستهدفة…
فمن هذا المنطلق…
أنا سعودي، عربي، مسلم… لست أستحي من لغتي ولا أعتبرها مصدر احراج،،، لكن في أغلب حيني أتحدث وكما ترون في المدونة أكتب باللغة الإنجليزية بطلاقة -ولله الحمد-،،، ولكن -وبكل أمانة- سئمت قراءة المقالات التي تعتبر من هم مثلي فاقد لهويته، جاهل بلغته، وقد تصل إلى أنه خائن لأصله… وللتوضيح أنا لست ضد اثراء المحتوى العربي، فقط مللت الهراء حول المقالات التي تندد ضد من لا يستخدمها في العمل.
في صلب الموضوع سأتحدث عن نقطتين أساسيتين:
أولاً: كيف وصلنا إلى هذا الحال…؟
لغة الإقتصاد العالمي في زمن العولمة:
منذ أواخر القرن السادس عشر بدأت الإمبراطورية البريطانية في الإنتشار، وعدت في ذروتها أنها أضخم إمبراطورية في تاريخ العالم حتى الآن، وكانت لأكثر من قرن القوة العالمية الأولى وبسطت سلطتها في سنة 1913 على تعداد سكاني يقارب 412 مليون شخص أي حوالي 23% من سكان العالم في ذلك الوقت، وغطت في سنة 1920 مساحة 35,500,000 كـم2 (13,700,000 ميل2) أي تقريبا 24% من مساحة الكرة الأرضية (بالمقارنة فإن مساحة العالم العربي الحالي 15,000,000 كـم2 أي ما يعادل أقل من نصف مساحة الإمبراطورية البريطانية). ونتيجة لذلك، فإن إرثها السياسي والقانوني واللغوي والثقافي منتشر على نطاق واسع. وبسبب اتساع حجمها في أوج قوتها استخدمت عبارة “الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس” في كثير من الأحيان لوصف الإمبراطورية البريطانية لأن امتدادها حول العالم يعني أن الشمس كانت دائما مشرقة على أراضيها، ومنذ تلاشي نفوذها العالمي أخذت الولايات المتحدة الأمريكية مكانها كقوة عالمية، وفي خلال مرحلة التحول هذه، وفي عام 1917م تحديداً اكتشف النفط في المملكة العربية السعودية من قبل شركات النفط الأمريكية.
وبعد فك ارتباط الدولار الأمريكي من الذهب، فقد أصبح النفط يباع بالدولار،،، وذلك يؤدي إلى أن تصبح اللغة العالمية المعتمدة هي اللغة الإنجليزية لأن السيطرة تكون لمن له التفوق العسكري/الإقتصادي.
واللغة تتحرك وتتأثر على هذا الأساس،،، وبالنظر إلى التاريخ اللغوي ولعل أفضل مثال على لذلك هو نبتة الخرشوف، حيث انتقلت الى أوروبا عن طريق الشام وذلك في فترة التوسع الإسلامي، ولسيطرة اللغة العربية وعدم وجود اسم بديل أصبح اسمها إلى alcarchofa في اللغة الإسبانية ومن ثم إلى articiocco في اللغة الإيطالية حتى أصبحت Artichoke في اللغة الإنجليزية (وذلك لصعوبة نطق الكلمة العربية على اللسان الأوروبي) ثم ومصداق للآية: “وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ” وفي الحروب الصليبية مالت الكفّة من حيث القوة العسكرية والإقتصادية إلى الأوربيون، وتحول اسم النبتة في العالم العربي الى أرض الشوك وهي أقرب للصياغة الأوروبية.
ثانياً: لماذا لا نكون من يصنع التغيير في هذا الصدد…؟
العالم العربي لا يعتبر في هذه المرحلة التاريخية قوّة عالمية (عسكرية واقتصادية)… لن أقبل مقارنات بالصين أو اليابان أو الدول الأوربية،،، وذلك لكونهم في مكانة اقتصادية عسكرية متوسطة إلى عالية.
أما وجه المقارنة الواقعي الذي من المفترض علينا تسليط الضوء عليه،،، هو المقارنة بدول أمريكا الجنوبية،،، فهم ما زالوا يقاومون تغلغل اللغة على مجتمعاتهم، ومع أنهم ما زالوا محافظين على “هويتهم اللغوية” ما المقابل الذي دفعته هذه الشعوب؟،،، وضع اقتصادي خطير، قوة عسكرية ركيكة،،، ولكن معتزين بالهوية اللاتينية.
لا أعتبر نفسي فاقد لهويتي، جاهل بلغتي، ولا خائن لأصلي، أما من ينتقد كلامي أو كتابتي فقط لكون المتلقي عربي، فالرد على ذلك سهل… علينا التدريب والتطوير في اللغة بشكل مستمر،،، وبحكم تجربة سابقة،،، فإن عدم ممارسة لغة تم تعلمها (غير اللغة الأم وذلك للرابط العاطفي تجاهها) يؤدي إلى اندثارها… أختم مقالي بلفتة بسيطة،،،
دعونا نترك العاطفة في اتخاذ مثل هذه القرارات والأحكام ونركز على الظروف والواقع والمنطق،،،
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
حمد بن سليمان الجبرين